دراسات وأبحاث
التعليم عن بعد..ماله وماعليه
العدد 152 | نيسان (أبريل)-2020

بقلم غيداء ربداوي

منذ ظهور وباء "كورونا" في العالم، ومع اكتشاف كيفيّة انتقال عدواه بين الأفراد وفي المجتمعات، بدأت معظم الحكومات بتنفيذ إجراءات احترازيّة للحدّ من هذا الوباء عُرفت بإجراءات "التباعد الاجتماعيّ". كانت المؤسّسات التعليمية من أكثر المؤسّسات تضرّرًا بهذه الإجراءات، لأن جوهر العمليّة التعليميّة إلى يومنا هذا لا يزال يعتمد على التواصل المباشر بين الطالب والمدرس، ويقتضي اجتماعَ الطلاب ومدرِّسيهم في الصفوف والقاعات، وهذا يتعارض تعارضًا تامًّا مع مفهوم التباعد الاجتماعيّ. لذلك وجَّهت الجهات المسؤولة بإيقاف دوام الطلاب في هذه المؤسسات إلى حين السيطرة على الوباء وتوقُّف انتشاره. وقد شغلت قرارات إغلاق المدارس والجامعات هذه بالَ المدرسين والطلاب وذويهم، كما وضعت المسؤولين عن التربية والتعليم في جميع دول العالم تقريبًا أمام تحدٍّ كبير، فأخذوا يبحثون عن الحلول والبدائل التي تتيح إيصال المعلومات والمعارف إلى الطلاب دون اجتماعهم في مكان واحد، وهنا طُرح مفهوم التعليم من بُعد.

فما هو التعليم من بُعد؟ وهل يصلح بديلًا عن التعليم التقليدي؟ وما مستلزمات تنفيذه؟ وهل يمكن الانتقال إليه سريعًا في ظل أزمة متعاظمة مثل جائحة كورونا؟

 ما هو التعليم من بُعد؟

يعتمد التعليم من بُعد online teaching على تقديم الدروس للطلاب عن طريق الإنترنت، أي دون أن يجتمع المدرس مع الطلاب في مكان واحد، وتُستعمل في هذا النوع من التعليم مجموعة من الأدوات التقنية لتسهيل التواصل بين الطالب والمدرس وفيما بين الطلاب أنفسهم.

نشأ هذا النوع من التعليم في أواخر السبعينيّات من القرن الماضي، واستعملته بعض الجامعات الأوروبيّة والأمريكيّة، وكانت المواد التعليمية كالكتب وشرائط التسجيل والفيديوهات ترسَل إلى الطلاب بالبريد، ويقوم الطلاب بإرسال واجباتهم بالطريقة نفسها. أما الامتحانات، فكان يُشترط على الطلاب الحضور إلى مقر الجامعة لأدائها. وفي أواخر الثمانينيّات، جرى توظيف قنوات الكبل والقنوات التلفزية لبثّ الدروس التعليميّة. وفي أوائل التسعينيّات ظهرت الإنترنت، واستُعملت وسيلةَ اتصالٍ بديلة سريعة وسهلة، وأصبح مصطلح التعليم من بعد مكافئًا لمصطلح التعليم الإلكتروني.

ما هدف التعليم من بعد؟

كان هدف هذا النوع من التعليم عند ظهوره هو الوصول إلى الطلاب غير التقليديّين (مثل العاملين بدوام كامل والعسكريّين والطلاب الذين يقطنون بعيدًا عن المدارس والجامعات)، وقد لاقى نجاحًا وانتشارًا متزايدًا إلى أن بلغ عدد الطلاب المسجلين في مقرَّر واحد من بعد في الجامعات الأمريكية 5.6 مليون طالب في خريف 2009 مقابل 1.6 مليون في 2002[1].

ومع مرور الوقت نضج هذا النوع من التعليم، ودعمته الفلسفات التربويّة الحديثة (السلوكيّة behaviourism والبنائيّة constructivism [2]) مما أدى إلى رواج مصطلح التعلُّم من بعد، حيث انتقل التركيز من المعلِّم –الذي كان محور العمليّة التدريسيّة- إلى الطالب، وأصبح لدى الطالب القدرة على رسم مساره التعليمي وتطوير معارفه ومهاراته بإشراف مدرّسيه.

أعطى التطوُّر التقانيُّ في مجال الاتصالات والمعلوماتيّة دفعًا قويًّا للتعلّم من بعد، وساهم في تطوير الوسائل التعليمية، فعمدت المؤسسات التعليمية إلى بناء مقررات تتيحها في الإنترنت لطلابها المسجلين لديها - وسُمِّي هذا النوع من التعلّم بالتعلّم الإلكتروني e-learning - حتى إن بعض هذه المؤسسات أتاحت هذه المقررات لأي شخص يرغب بمتابعتها بواسطة الإنترنت؛ سواء أكان هذا الشخص منتسبًا إلى المؤسسة التعليمية التي نشرت المقرر أم لا. ومن هنا ظهر مفهوم المقررات المفتوحة للجمهور من بُعد Massive Open Online Courses (MOOC)[3].

وهكذا أصبح من الممكن اتباع أسلوب التعلُّم الإلكتروني بديلًا عن التعليم التقليدي في حال وجدت معوقات تمنع الطالب من الالتحاق بالمدرسة أو الجامعة، وكذلك يمكن اعتماده ليكون مكمِّلًا للتعليم التقليدي ورديفًا له، لاسيما في حالات نقص الكوادر الأكاديميّة والتدريبيّة. وقد أدى رواج هذا الأسلوب من التعلُّم إلى نشر التقنية في المجتمع وإعطاء مفهوم أوسع للتعليم المستمر. ويرى المدافعون عن هذا النوع من التعليم أنه يتيح تجاوز حدود الزمان والمكان وحدود غرف الصفّ التي تجمع الطلاب مع المدرسين، ويتيح للطلاب الاستفادة من البيئات الإلكترونية التي يجري التعلّم ضمنها، والنفاذ اللامحدود إلى الموارد، والتشارك مع الآخرين خارج حدود الزمان والمكان.

التعليم من بعد خلال أزمة كورونا

بحسب البيانات الأخيرة الصادرة عن معهد اليونسكو للإحصاء في 22/4/2020[4]، أصبح 1.57 مليار طالب في 192 بلدًا من بلدان العالم غير قادرين على الذهاب إلى مدارسهم وجامعاتهم بسبب إجراءات الحظر الصحي. وقد بلغت النسبة المئوية لهذا العدد من الطلاب 91.4% من إجمالي عدد الدارسين المسجِّلين في مختلف مراحل التعليم (ما قبل الابتدائي والابتدائي والمرحلتين الدنيا والعليا من التعليم الثانوي والتعليم العالي). حَدَتْ هذه الأرقام الصادمة بالحكومات إلى البحث عن بدائل للأنظمة التعليمية التي كانت تعمل قبل هذه الجائحة. ولما كانت الصين أول الدول المتضرّرة من الفيروس وأن الحجر الصحي أغلق جميع مؤسساتها إغلاقًا تامًّا، فقد لجأت إلى التعليم من بعد كي لا ينقطع الأطفال والشباب فيها عن التعلّم[5]. بدأ قرابة 200 مليون طالب في المرحلتين الابتدائية والثانوية في الصين فصلهم الدراسي الجديد من بعد في التاسع من شهر شباط، إذ لجأت الصين إلى التعلّم التزامني بالإنترنت، لتكون تجربتها أضخم تجربة في تاريخ البشرية في هذا المجال.

يمكن أن تساعد دراسةُ هذه التجربة دراسةً واعية على تحديد الجهات المعنية والفاعلة على مستوى الدولة، وأهم المستلزمات التي يجب توفيرها.

الصين والتعليم من بعد

أطلقت وزارة التربية في جمهورية الصين الشعبية مبادرةً بعنوان "ضمان انتظام التعلّم رغم تعطّل العملية الدراسية"، وتمكّنت الوزارة في غضون أسبوعين، ورغم حظر انعقاد أي اجتماعات شخصية، من تنظيم سلسلة من المؤتمرات بالإنترنت مع عدد من الوكالات المعنية بالإدارة المدرسية والجهات المنظِّمة للدورات والمزوِّدة للمنصات الإلكترونية وخدمات الاتصالات وغيرها من الجهات المعنية للتخطيط للإقلاع بهذه المبادرة.

تعتمد هذه المبادرة على فكرة الاستفادة من التعليم من بعد لتحقيق ما يسمَّى "التعليم المرن" flexible education؛ وهو تعليمٌ يقوم على استراتيجية تربوية محورها المتعلّم، وعلى توفير خيارات متعددة تتيح للمتعلّم المرونة في التعلُّم من جهة الزمان والمكان، والموارد المتاحة للمعلّم والمتعلّم، والمقاربات التعليمية، وأنشطة التعلّم، والدّعم المتاح للمعلّم والمتعلّم، للوصول إلى تعلّم سهل وفعّال وملتزم.[6]

تمثَّل التحدي الأكبر الذي واجه المعنيين بهذه المبادرة في ضمان انتفاع جميع الطلبة بفرص التعلّم الرقمي، وفي استعداد المعلّمين لإعداد الدروس ووضعها في الإنترنت، مما حثّ وزارة التربية على التكاتف مع وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات لتحقيق الأهداف الآتية:

  • حشد إمكانات أبرز مزوّدي خدمات الاتصال بهدف تعزيز سرعة الاتصال بالإنترنت لتيسير التعليم من بعد، لاسيما في المناطق التي تفتقر إلى الخدمات الكافية.
  • رفع سرعة منصات خدمة التعليم الإلكتروني الرئيسة، والارتقاء بإمكانات "المنصة السحابية الوطنية للموارد التعليمية والخدمات العامة" لتتمكن من سدِّ احتياجات ملايين المتصفحين الذين يزورونها في آنٍ معًا.
  • حشد الموارد المجتمعية لتوفير المقررات والموارد التعليمية في الإنترنت. وقد أدى هذا إلى توفير ما يزيد على 24 ألف مقرر في الإنترنت لطلبة الجامعات، وإطلاق 22 منصة تعليمية معتمَدة في الإنترنت، يُدار معظمها بتقنيات الذكاء الصنعي، بهدف توفير الدروس المجانية لطلبة المرحلتين الابتدائية والثانويّة.
  • توجيه المدرسين نحو منهجيات التعليم الإلكتروني، إضافة إلى اعتماد منهجيات ملائمة تتناسب مع الظروف والجاهزية الإلكترونية على المستوى المحلي لتيسير عملية التعلّم، سواء باستعمال المنصات الإلكترونية أو البث التلفزي الرقمي أو تطبيقات الهواتف المحمولة.
  • تعزيز الأمن والسلامة في الإنترنت بالتعاون مع قطاع الاتصالات ومزوّدي الإنترنت
  • تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والدروس اللازمة في هذا الصدد من أجل رفع مستوى الوعي بهذا الفيروس وكيفية الوقاية منه.

سلّط نجاح التجربة الضوء على أهمية إقامة شراكات تجمع بين الهيئات الحكومية على الصعيدين الوطني والمحلي والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لتوفير تسهيلات للتعلّم من بعد. وقد تعلّمنا من التجربة الصينية أن نجاح تجربة التعلّم من بعد في المجتمعات الراغبة باعتماد هذا النوع من التعليم[7]منوطٌ بتوفير: بنية تحتية موثوقة للاتصالات، وموارد تعليمية رقمية مناسبة، وأدوات تعليمية مريحة وسهلة، ومنهجيات تعليم فعّالة، ومؤسسات تعليمية، وخدمات فعّالة لدعم المدرسين والمتعلّمين، وتعاون وثيق بين الحكومات والشركات والمدارس.

حلول ووسائل للتعليم من بعد

مع انتشار فيروس كورونا في مختلف دول العالم، وانتشار الأخبار عن التجربة الصينية في التعليم من بعد، أخذت العديد من الجامعات والمدارس في معظم الدول بدراسة إمكان تحويل طلابها خلال هذه المرحلة إلى التعليم من بعد، وقامت معظم المؤسسات والشركات التي تمتلك حلولًا تقنية مفيدة للتعليم من بعد بوضع هذه الحلول –مجانًا في غالب الأحوال- تحت تصرّف الأهل والمعلمين والمدارس ومديريها لمساعدتهم على تيسير عملية تعلّم الطلاب وتقديم الرعاية الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي لهم أثناء فترة إغلاق المدارس. وقد كان معظم هذه الحلول مطبقًا على نطاق واسع قبل هذه الأزمة، فساهم ذلك في توفّر المحتوى المقدّم بعدة لغات. نورد فيما يلي بعض أصناف الحلول في هذا المجال[8]:

  1. نظم إدارة التعلّم Learning Management System (LMS)
  • بلاك بورد blackboard[9]: يحتوي على موارد وأدوات لتقديم التعليم والتعلّم من بعد عن طريق الإنترنت.
  • موودل Moodle [10]: منصة مفتوحة المصدر، يدعمها مجتمع عالميّ من المطوّرين. 

  • سينتشري تك century.tech[11]: تتضمن مسارات للتعلّم الشخصي بواسطة دروس مصغّرة ترمي إلى سدّ الثغرات المعرفية، وتنمية روح التحدي لدى الطلاب، وتعزيز الذاكرة الطويلة الأمد.
  • إدراك[12]: منصة للتعليم المدرسي والمستمر باللغة العربية على الإنترنت، وتوفر موارد للدارسين والمعلمين.
  • نفهم[13]: منصة تعليمية على الإنترنت باللغة العربية، تقدم دروسًا مسجّلة عن طريق الفيديو توافق المناهج الدراسية في العديد من الدول العربية ومنها سورية.
  • غوغل كلاسروم: منصة تساعد على المحافظة على التواصل بين طلاب الصف الواحد، وفي تنظيم الدروس.

  1. نظم تعليمية لا تحتاج إلى اتصال بالإنترنت
  • كانت ويت تو لرن[14]Can't wait to learn : منصة تَستعمل تقانات الألعاب لتقديم تعليم جيد للأطفال.
  •  رومي[15]: مجموعة من الأدوات التعليمية والمحتوى التعليمي للتعلّم مدى الحياة. 

 

  1. منصات للدورات التعليمية المفتوحة
  • أليسن [16]alison: تتضمن دورات على شبكة الإنترنت يقدمها خبراء.
  • كورسيرا coursera[17]: تتضمن دورات على شبكة الإنترنت يقدمها مدرسون من جامعات وشركات معتمدة.
  • إيدكس edx[18]: تتضمن دورات على شبكة الإنترنت تقدمها مؤسسات تعليمية رائدة.
  • يونيفرسيتي أوف ذ بيبُل university of the people[19]: جامعة مفتوحة على شبكة الإنترنت.

  1. محتوى للتعلّم الذاتي
  1. تطبيقات القراءة على الهاتف الجوال
  • المكتبة الرقمية العالمية[21]: موقع إلكتروني يحتوي كتبًا وقصصًا بلغات متعددة، ومواد أخرى للقراءة، يمكن النفاذ إليها من الهاتف الجوال أو الحاسوب.
  • مؤلف القصص [22]: موقع إلكتروني يحتوي على قصص للأطفال بلغات متعددة.
  • القارئ العالمي [23]: موقع إلكتروني يحتوي كتبًا وقصصًا رقمية يمكن النفاذ إليها من الهاتف الجوال، وفيه خصائص تدعم تعليم القراءة.
  1. منصات تعاونية تدعم خاصية الاتصال المباشر عن طريق الفيديو
  • هانغ أوت مييت hangoutmeet[24]: منصة تتيح المحادثات عن طريق الفيديو من غوغل.
  • تيمز teams [25]: منصة تتيح الدردشة والاجتماعات والاتصالات والتعاون. وهي مدرجة في برمجيات مايكروسوفت أوفيس.
  • سكايب[26]: منصة تتيح الاتصالات المرئية والمسموعة، والدردشة وخصائص تعاونية أخرى.

تجربة التعليم من بعد في سورية

تعدّ الجامعة الافتراضية السورية الجامعة الوحيدة في سورية التي تطبِّق التعليم من بعد تطبيقًا كاملًا في العملية التعليمية. وفيما عدا ذلك، وقبل الأزمة التي أوجدها انتشار فيروس كورونا، كان عدد المؤسسات التعليمية التي اهتمت بتعرُّف تقنيات التعليم من بعد واستعمالها قليلًا جدًّا.

يعدّ المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا من المؤسسات الرائدة في القطر في هذا المجال، إذ تبنّى منصة موودل -التي أشرنا إليها آنفًا- منذ ما يزيد على خمسة عشر عامًا لأغراض التعليم وتسهيل التواصل بين الطلاب والمدرسين والإدارة[27]. كانت التجربة ناجحة بسبب قدرتها على المزج بين وسائل التعلم التقليدي وتقنيات التعلم من بعد، وتمكين المدرّسين من التعامل مع منصة موودل والتآلف معها واستثمار إمكاناتها. وعلى إثر إيقاف دوام الطلاب في المدارس والجامعات انتقل المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا إلى التعليم من بعد باستعمال هذه المنصة.

ولما كانت البنية التحتية المتاحة لا تمكِّن من إجراء محاضرات تزامنية؛ أي محاضرات يتواصل فيها الطلاب مباشرة مع مدرّسيهم بالإنترنت، فقد طلبت إدارة المعهد من المدرسين تسجيل المحاضرات ورفعها على المنصة، واستعمال الأدوات المتاحة من منتديات ووسائل حوار وغير ذلك لتحقيق التفاعل بين الطلاب والمدرسين.

 

الشكل 1. الصفحة الرئيسية لمنصة التعلّم الإلكتروني في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا

أما الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، فقد أتاحت بالتعاون مع شركة الخدمات البرمجية الذكية منصةً للتعليم من بعد لتعويض الطلاب عن الفاقد التعليمي وتمكينهم من متابعة دروسهم في ظل الظروف الحالية عن طريق دروس تفاعلية مع أساتذتهم.[28] وقد استفادت مجموعة من المدارس من هذه المنصة مثل (سوا) و(الوطنية) و(المتفوقين). وجرى تدريب مدربين من اللجان الإدارية على المنصة ليتابعوا الدورات التدريبية من بعد.

 والجدير بالذكر أن الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية والمعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا يشاركان في عضوية لجنة وطنية عليا تضم وزارات الاتصالات والتربية والتعليم العالي وممثلين عن الجامعات الحكومية والخاصة لإيجاد حلول للتعليم من بعد في سورية.

مستقبل التعليم من بعد

لقد غيّرت جائحة كورونا طرائق التعليم والتعلّم لملايين الطلاب حول العالم، وأصبح الملايين من الطلاب يستعملون الهواتف الذكية والتطبيقات التفاعلية للتعلم ويَحضرون الدروس التي تُبثّ مباشرةً على التلفزيون. ولا شك في أن هذه الحلول الجديدة في التعليم ستفتح المجال أمام المزيد من الابتكارات.

ومع الانتشار الواسع لتقنيات الجيل الخامس سيتمكّن الطلاب من التعلًم في كل مكان وفي أي وقت، وستدعم أنماط التعلّم الجديدة التعليمَ التقليديّ في الصفوف، مما يزيد من مهارات الطلاب وانفتاح أذهانهم. وستمكِّن الشراكات بين القطاعين العام والخاص وبين الشركات والمؤسسات في مجالات مختلفة –كما حصل في الصين- من الحصول على منصات للبثّ والتعليم من بعد معتمدة على التقانات السحابية، وتوفير بنية تحتية متطورة للتعليم تديرها وزارات التربية والتعليم العالي ووزارة الاتصالات.

من جهة أخرى، فإن ضعف إمكانات دول العالم الثالث سيؤدي إلى اتساع الفجوة الرقمية بين طلاب هذه الدول وطلاب الدول المتطورة في العالم. وثمة عائق اجتماعي يتمثَّل في تقبُّل بعض الأساتذة للتعليم من بعد؛ إذ إنهم يرون فيه غيابًا لشخصية المعلم الذي يعتبرونه محوريًّا، وينسون أن التعليم من بعد يجعل الطالب محور التعلم، وأن كل المهارات والإبداعات التي يرون أن المدرس هو مصدرها يمكن أن توضع ضمن قوالب أنشطة وطرق تقديم المقررات.

ومع أن وسائل التواصل الاجتماعي المنتشرة في دول العالم الثالث يمكن أن تستعمل ليتواصل الطلاب من بعد مع مدرسيهم (عبر الواتساب والإيميل مثلًا)، إلا أن عدم توفّر البنى التحتية المناسبة وحرمانهم من النفاذ إلى الموارد الحديثة سيعني بالطبع حصولهم على مستوى أدنى من التعليم وحرمانهم من الاطلاع على التطورات التقنية المتسارعة.

يفترِض إدراك الخطر الناجم عن اتساع هذه الفجوة أن تسعى حكومات العالم الثالث إلى إقامة الشراكات اللازمة والاستثمار في البنى التحتية وفي بناء الموارد اللازمة لعلّها تتمكن من اللحاق بركب التعلّم الذي هو بوابتها إلى مستقبل أفضل.

 


 

قد ترغب كذلك بقراءة
التعلم الآلي عن طريق البرمجة الاحتمالية
وصولية الأشخاص ضعاف البصر إلى صفحات الوب
تطبيقات النمذجة الرياضية في التنبؤ بانتشار الأوبئة (فيروس كورونا)
المترجم الآلي للغة الإشارة
التكنولوجيا في مواجهة كوفيد-19